مهارات وقدرات خاصة فى رسم "البورتريه"

5  سنوات على رحيل "مصطفى حسين".. ريشة ذهبية جسدت نبض الشارع

مصطفى حسين
مصطفى حسين

"المستحمات" أشهر لوحاته بمتحف الفن الحديث

كان يشعر بسعادة غامرة وهو يرسم للأطفال
رغم مرور خمس سنوات على رحيله، لكننى مازلت أفتقده كقارىء من قراء الأخبار وكمحب لفن هذا العملاق العبقرى مصطفى حسين، وكأبن من أبناء دار أخبار اليوم العملاقة.. نعم رحل عن عالمنا فى مثل هذا اليوم "16 أغسطس 2014"، لكنه مازال حاضرًا بإبداعاته، رحل تاركًا فراغًا كبيرًا فى الأخبار، كان مدرسة فى الفن التشكيلى وموسوعة فى فن الكاريكاتير، كان يتمتع بنبوغ لا ينضب، وصل إلى مكانة فنية يندر تكرارها .. عرفته جيدًا من خلال عشقى لريشته قبل أن ألقاه وأتعامل معه لسنوات طويلة، قال عنه بيكار: سيصبح أهم رسام فى مصر، وقال عنه رخا: أنه أكفأ ريشة فى تاريخ مصر، وقال عنه توأمه أحمد رجب: أنه أحسن رسام فى العالم.. غابت ريشته ولكن اسمه لن يغيب أبدًا، فأعماله التى تركها ستظل ساطعة، سوف تبقى رسومه التى تحكى تاريخ مصر السياسى والاجتماعى أمامنا، ريشته غابت ولكن عبقريته وخفة دمه ستظل من خلال إرث كبير تركه لنا وللأجيال القادمة علامة من علامات الفن التشكيلى المصرى والعربى بل والعالمى.

خطوط ساحرة

تلعب الرسوم التوضيحية دورًا هامًّا فى العمل الصحفى وخاصة فى إظهار محتوى أو مضمون القصص القصيرة والفكرة المراد توصيلها للمتلقى، فهى إذًا لغة طيعة وسهلة، وليس هناك أسهل ولا أسرع من الفن التشكيلى فى نقل الإحساس للمتلقى والدليل أن الطفل يتعلق ويتشبث بالصورة، كان للفنان مصطفى حسين باعًا طويلًا فى هذا المجال إذ انتشرت رسوماته التوضيحية فى العديد من المجلات والصحف، من أهمها مجلة آخر ساعة التى كان لها النصيب الأكبر من هذه الرسومات رغم وجود عمالقة يرسمون بها فى ذلك الوقت أمثال بيكار ورخا وصاروخان والحسين فوزى وآخرين.

 لكن خطوط حسين كان لها دورًا كبيرًا فى وضع أسمه بين هؤلاء العمالقة، كما كان لصحيفة أخبار اليوم الأسبوعية وصحيفة الأخبار اليومية جزء من هذه الرسومات، بالإضافة إلى جريدة مايو التى كان يرسم بها رسومًا مصاحبة لما كان يكتبه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات على حلقات أسبوعية، ومجلة كاريكاتير التى رسم بها رسومًا عديدة مصاحبة للموضوعات الصحفية، وأيضًا كان يقوم بعمل الرسوم التوضيحية لكثير من الكتب التى كان يرسم أغلفتها بريشته، وبعضها كان يرسم الرسوم الداخلية فقط وكان بيكار يرسم أغلفتها..، لمصطفى حسين العديد من الرسوم التوضيحية فى المجلات والصحف، حيث بدأت إنطلاقتة الفنية من دار الهلال مثلما بدأ عملاق الكاريكاتير رخا، فرسم بدايات أعماله فى مجلة الأثنين والدنيا، المصور، الكواكب، ومجلتى الرسالة الجديدة والتحرير عام 1952-1956 وعندما صدرت جريدة المساء بدأ الرسم فيها عام 1956 واستمر فيها حتي عام 1963 وكان فى هذه الفترة يرسم أغلفة ملونة لمجلةArab observer"" التى كانت تصدرها الدار القومية للطباعة والنشر، ورسم فى مجلة البوليس، ومجلة هى.

المستحمات
  رسم مصطفي حسين صور شخصية عديدة "بورتريه"، ولأماكن مختلفة بالألوان الزيتية منها من هو خاص بكبار الكتاب والصحفيين، مثل مصطفى أمين وعلى أمين وأحمد رجب ومحمد التابعى وهيكل وكامل الشناوى ويوسف السباعى وتوفيق الحكيم وجلال الدين الحمامصى وسعيد سنبل وإبراهيم سعده وبيكاروصاروخان وله لوحات بمعهد الموسيقى العربية لفنانين وملحنين مثل أم كلثوم ومنيرة المهدية ومحمد عبد الوهاب ويوسف وهبى ومحمد القصبجى ورياض السنباطى وفريد الأطرش وغيرهم..، ومن اللوحات الشهيرة له لوحة "المستحمات" التى يحتضنها متحف الفن الحديث بساحة دار الأوبرا .. هذه اللوحة رسمها الفنان عام 1988 بالألوان الزيتية .. الحركة من أهم معالم تلك اللوحة، وقد رسمعا بلمسات فرشاة وكأنها كتلة نحتية، واللوحة الثانية رسمها أيضا بالألوان الزيتية عام 2003 وأطلق عليها "موكب الصباح"، واللوحة موجودة بصندوق التنمية الثقافية.

متعته الكبرى

الفنان مصطفى حسين تميز برسومه للأطفال، فقد رسم كتبًا وقصصًا عديدة لهم تعد علامة بارزة فى هذا المجال، وهو يقول عن هذا: "تعد رسومى من أجل الأطفال متعتى الكبرى، فعندما أرسم للطفل أشعر بسعادة غامرة لا حدود لها، وأتمنى حقيقة أن أتفرغ تمامًا للرسم للأطفال .. هناك إسهامات عديدة قمت بها فى هذا المجال، وكان أول كتاب رسمته كتاب (أنا) للكاتب فؤاد فواز وهو يخاطب الأطفال من سن 7 سنوات، الكتاب يضم رسومًا شخصية للحيوانات عمومًا بالكلمة والصورة، بورتيريه شخصى للجمل والغزال والحصان وغيرها، وقد حصلت على جائزة الدولة عن هذا الكتاب".. صدر الكتاب عن دار نهضة مصر عام 2007.

 كتب عديدة رسمها مصطفى حسين من تأليف كبار الكتاب المتخصصين، رسم العديد والعديد من كتب الأطفال فى المراحل السنية المختلفة، مثل كتاب حى بن يقظان للشاعر صلاح عبد الصبور، وسلسلة كتب عن جحا، وبعض القصص للكاتب أحمد بهجت، وألف ليلة وليلة للشاعر أحمد سويلم، هذا بالإضافة إلى رسوم أعمال الكاتب الكبير توفيق الحكيم فى مجال الأطفال.

كان من أهم مميزات الفنان مصطفى حسين هى احترام عقلية الطفل فى هذه المرحلة العمرية، ومخاطبته كأنه شخص كبير، فهو يرسم له شخصيات بنسب تشريحية صحيحة، يهتم بالتفاصيل فى معظم رسومه، ومن الأمثلة على ذلك غلاف رسمه بعنوان (التفاحة الثالثة) لإحدى قصص ألف ليلة وليلة التى صدرت عن دار الشروق 2005، فى هذا الغلاف الذى يقترب من أحد مشاهد الرسوم المتحركة، رسم الفنان أحد الملوك جالسًا يعطى أوامره لخادم عنده، وفى الخلفية أحد الحراس يقف مستعدًا بسيفه فى مشهد يجسد أيام الماضى، وزع الألوان واختارها بما يناسب عقلية وإحساس الطفل، فدائمًا فى قصص الأطفال ترى الفنان يختار الألوان الصارخة كالأحمر والأصفر والأخضر، ليجذب نظر الطفل الذى يميل لتلك الألوان ويحبها، أيضًا اهتم الفنان بتجسيد مشهد الغرفة كاملاً، الستائر فى الخلفية بألوانها الزاهية ، وقطع من الزرع موضوعة على يمين الملك أو السلطان، عنصر الحركة كان محط اهتمام الفنان، فالحركة فى هذا الغلاف تتضح من خلال تنغيم الخطوط والألوان مع حركات الأشخاص، فهذا يشير وذلك يستمع وينصت للأوامر والحارس يقف يقظًا.